البيان الختامي لمؤتمر الآفاق الشرعية والقانونية للتحول الرقمي

صديق يلقي البيان الختامي للمؤتمر العلمي الدولي الثاني للكلية
القاء أ.د / محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي والمشرف العام على المستشفيات
البيان الختامي لمؤتمر الآفاق الشريعة والقانونية للتحول الرقمي الواقع والمامؤل بقاعة الأزهر للمؤتمرات
وجاء في البيان
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا ومولانا رسولِ اللهِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومنْ والاهُ واهتدى بهداهُ ، وبعد.
فلقد اختُتِمتْ -بحمدِ اللهِ تعالى- فعالياتُ المؤتمرِ العلميِّ الدوليِّ الثاني الذي نظَّمَتْهُ كليةُ الشريعةِ والقانونِ بالقاهرةِ في مركزِ الأزهرِ للمؤتمراتِ بمدينةِ نصرٍ، والذي أقيمَ على مدارِ يوميْ السبتِ والأحدِ 23 - 24 منْ شهرِ شعبانَ لعامِ ثلاثة وأربعين وأربعمائة وألفٍ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، الموافِقَيْن 26 و 27 منْ مارسَ لعامِ اثنين وعشرين وألفين من ميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام تحتَ عنوانِ: "الآفاق الشرعيةُ والقانونيةُ للتحول الرقمي الواقعُ والمأمولُ" وذلكَ برعايةٍ كريمةٍ منْ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الأستاذِ الدكتورِ/ أحمد الطيب، شيخِ الأزهرِ الشريفِ، وبحضورٍ كريمٍ من السادةِ العلماء والقضاةِ ورجالِ الدولةِ والصحافةِ والإعلامِ والمعنيِّينَ بقضايا التحول الرقمي والشريعة والقانون.
ولقد جاء المؤتمر تماشيًا معَ الواقعِ الذي نعيشهُ، وانطلاقًا منْ رسالةِ كليةِ الشريعةِ والقانونِ بالقاهرةِ القائمةِ على العنايةِ والاهتمامِ بعلومِ الشريعةِ على مدارِ تاريخها الممتدِّ عبرَ ما يُقارِبُ قرنًا من الزمانِ، فقدْ ارتأتْ كليةُ الشريعةِ والقانونِ بالقاهرةِ أنْ يكون التحول الرقمي موضوعًا لمؤتمرِها العلميِّ الدوليِّ الثاني اتساقًا معَ رسالتها العلميةِ في خدمةِ المجتمعِ الإنسانيِ ومواكبة لرؤية مصر 2030 في التحول الرقمي, من أجل إبراز دور الشريعة الإسلامية في تحقيق ونشر الأمن الرقمي, وتعظيم الاستفادة من التحول الرقمي في الأمور الشرعية والقانونية, وبيان تأثير التحول الرقمي على المعاملات الاقتصادية والأحوال الشخصية والعملية التعليمية.
وقد عُنيَ المؤتمرُ على مدارِ جلساتهِ ومنْ خلالِ أبحاثهِ وما دارَ حولها منْ نقاشاتٍ علميةٍ هادفةٍ بتسليطِ الضوءِ على العديد من قضايا التحول الرقمي, وأثره في تحقيق مصالح الناس, ومحاولة وضع الضوابط التنظيمية والإجرائية المضبوطة بالقواعد الشرعية والقانونية لكثير من قضايا التحول الرقمي.
وقدْ حظيتْ جلساتُ المؤتمرِ بمشاركةِ نخبةٍ منْ السادةِ العلماء والباحثينَ المتخصصينَ منْ الجامعاتِ وهيئاتِ الفتوى والساسةِ والاقتصاديينَ، منْ داخلِ مصرَ وخارجها، حيثُ أُثرِيَتُ جلساتُ المؤتمرِ بأبحاثهمْ ومناقشاتهمْ ومداخلاتهمْ حولَ محاورِ المؤتمرِ وموضوعاتهِ.
ولقدْ تضمنَ موضوعُ المؤتمرِ عدًدا منْ المحاورِ المنبثقةِ منْ رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي، فجاءتْ على النحوِ التالي :
المحور الأول : التحـــــــول الرقمـــــي فــــــي فقــه الشريعــــــة ومقـــــــــاصدها.
المحور الثاني: التحول الرقمي في فقه الأحوال الشخصية.
المحور الثالث: التحول الرقمي في المعاملات التجارية والاقتصادية.
المحور الرابع: التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية.
المحور الخامس: حماية التحول الرقمي وتنميته في ضوء رؤية مصر 2030
ولقدْ رجونا منْ المولى –عزَ وجلَ- في مؤتمرنا هذا التوفيق لتحقيقِ ما صبونا إليهِ منْ أهدافٍ, ومنْ أهمها:
إبراز دور الشريعة الإسلامية في تحقيق الأمن الرقمي، ونشر الوعي حول التحول الرقمي وأثره في تحقيق رؤية مصر 2030، وتعظيم الاستفادة من التحول الرقمي في الأمور الشرعية والقانونية، ودراسة تأثير التحول الرقمي على المعاملات الاقتصادية والتجارية والأحوال الشخصية والعملية التعليمية.
وفي ضوءِ ما تضمَنَتْهُ البحوثُ المقدمةُ منْ نتائجَ، ومنْ خلالِ ما زَخَرَتْ بهِ جلساتُ المؤتمرِ منْ مداخلاتٍ ومناقشاتٍ ومساجلاتٍ خَلَصْنا إلى مجموعةٍ منْ النتائجِ والتوصيات، أهمها:
أولا: ضرورة خضوع النقود الرقمية لسيطرة البنك المركزي مع تشديد الرقابة علي تداولها ووضع القوانين اللازمة لمنع تأثيراتها السلبية علي الأسواق, مع التأكيد على ضرورة إخضاع النقود الرقمية الافتراضية للقواعد التي تحكم عقد الصرف في الفقه الإسلامي، ووضع ما يلزم من قواعد ضابطة للتعامل بتلك النقود, مع التوسع في عقد الدورات وورش العمل للتعريف بها.
ثانيا: ضرورة تدخل المشرع المصري لإصدار التشريعات اللازمة التي تحدد القانون الواجب التطبيق علي المعاملات التي تتم بواسطة النقود الإلكترونية.
ثالثا: ضرورة التوسع والتطوير في التحول الرقمي في ملفات الدعاوي القضائية بكافة درجات المحاكم بما يوفر إمكانية الربط بين الجهات القضائية والجهات المختلفة التي تتعامل معها، علي نحو يتم معه إمكانية تبادل المذكرات والإعلانات من خلال البريد الرقمي .
رابعا: ضرورة توسع وزارة العدل في بسط خدماتها الرقمية وإطلاق خدمات التوثيق الإليكتروني والتوكيل الرقمي علي نحو يضمن تحقيق العدالة الناجزة.
خامسا: ضرورة وضع الضوابط اللازمة لضمان وصول القرار الإداري الإلكتروني لأصحابه حتى يمكن إثباته وتنفيذه، الأمر الذي يستدعي وجود قواعد تتلاءم مع الطبيعة الخاصة للقرارات الإدارية الإلكترونية .
سادسا: ضرورة توسع الجهات الحكومية في عقد الدورات التدريبية لمنسوبيها للوقوف علي كافة الجوانب المتعلقة بالقرارات الإدارية الإلكترونية بدءاً من دراستها وإعدادها وتنفيذها وذلك بما يحقق رؤية مصر 2030 .
سابعا: ضرورة تكثيف عقد دورات تدريبية للمقدمين علي الزواج؛ للوقوف علي الانعكاسات السلبية التي تتعلق بأثر جرائم التواصل الاجتماعي علي العلاقات الزوجية بصفة خاصة, بل وعلى الأسرة بصفة عامة, بل يوصي المؤتمر بضرورة توقف إبرام عقد الزواج أمام المأذون الشرعي على تقديم الشهادات الرسمية التي تفيد الحصول على تلك الدورات.
ثامنا: ضرورة التوسع في طرق إثبات الطلاق عند الإنكار ليتم إثباته بكافة طرق الإثبات والتي من بينها ما تحدده التكنولوجيا الحديثة في مجال الإثبات والتوثيق .
تاسعا: كما يوصي المؤتمر الفقهاء والمختصين بضرورة التوسع في مفهوم الرؤية للمحضون, وإدخال الرؤية الإليكترونية فيها, مع وضع الضوابط الشرعية والأخلاقية والإنسانية وإطلاق السلطة التقديرية للقاضي في ذلك, دون اعتبارها بديلة عن الرؤية التقليدية .
عاشرا: ضرورة وضع القواعد الشرعية والقانونية الحاكمة في مجال الاقتصاد والتعليم؛ إذ أن نجاح العملية التعليمية والتقدم الاقتصادي يتناسب طرديا مع الحماية المقررة للعملية الفكرية بكافة صورها .
حادي عشر: ويوصي المؤتمر المشرع بضرورة إصدار القوانين اللازمة لتحقيق الحماية المدنية والجنائية لكافة صور التحول الرقمي وبما يتناسب مع طبيعة وتحقيق أهدافه مع التأكيد على ضرورة إصدار القوانين اللازمة لدعم الأمن السيبراني باعتباره قضية أمن قومي.
ثاني عشر: كما يوصي المؤتمر الجهات القائمة على الفتوى بضرورة التوسع في الفتوى الإلكترونية وتأهيل القائمين عليها, وتزويد لجان الفتوى وأعضائها بالأجهزة المتطورة التي تساعدهم على تأدية رسالتهم.
ثالث عشر: ضرورة إجراء المزيد من الدراسات العلمية المتخصصة من المجامع الفقهية والجامعات المعنية بالدراسات الشرعية والقانونية لمسائل التحول الرقمي المتجددة.
رابع عشر: ويوصي المؤتمر القائمين على الدعوة الإسلامية ووسائل الإعلام بتخصيص قدر من برامجهم لتعريف كافة أطياف المجتمع بأهمية التحول الرقمي ودوره في التنمية لتحقيق رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي والتنمية المستدامة.
وفي ختامِ هذا البيان تتوجَّهُ كليةُ الشريعة والقانون بالقاهرة بخالصِ الشكرِ والتقديرِ لفضيلةِ الأمامِ الأكبرِ الأستاذِ الدكتورِ/ أحمد الطيب شيخِ الأزهرِ الشريفِ –حفظه الله وأكرمه- على تفضُّلِه برعايةِ هذا المؤتمرِ, وتشكرُ السادةَ المشاركينَ من أهلِ العلمِ الذين أثْرَوا جَلَساتِ المؤتمرِ بأبحاثِهم وأفكارِهم ومداخلاتِهم, كما تشكرُ الحضورَ الكرامَ.
ونسألُ أللهَ تعالى أن نلتقيَ في مؤتمراتٍ علميةٍ قادمةٍ في رحابِ كليةِ الشريعةِ والقانونِ بالقاهرة في ظلِ قيادةٍ حكيمةٍ لفخامةِ السيدِ الرئيسِ/ عبد الفتاح السيسي حفظه اللهُ وسددَ خطاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته